موضوع: دلالين الهجرة ايرفعون تسعيرهتم الإثنين يوليو 16, 2007 11:47 am
يودعون الأحبة، يذرفون الدموع حزناً على الأهل والأحباب والوطن الذي استطون فيه الأغراب.. يمتطي الواحد منهم الليل جواداً، يُطلقه دون عنان، لا يُخيفه إنسٌ ولا جان، والهدف الوصول إلى بلاد الأحلام..لايهم إن كانت أحلام أم مجرد أوهام. لن تقف الصحارى والسهول ولا الوديان عائقاً أمامهم، لقد أصبحت الرؤية أكثر وضوحاً، هاهو الوطن الجديد على الأبواب..في عتمة الليل يختارون المكان، يُسلمون الأموال، دليلهم جَشِعٌ ولكنهُ ضرغام، يقبض نصف المبلغ إنه خمسة آلاف دولار، والباقي يُسلمه طرف ثالث، خمسة آلاف دولار أخرى حسب الإتفاق. في حالات كثيرة تضيع الأموال وتضيع معها الآمال والأحلام؛ فالمهرب شخص تهمه الأموال أكثر مما تهمه حياة الإنسان.وبالرغم من خطورة المغامرة، وقلة المال، فإن قوافل الهجرة العراقية لبلاد الغرب لم تتوقف، هجرة في الثمانينات وأخرى في التسعينات من القرن الماضي، وهاهي صفحات كتاب الهجرة تُفتح من جديد؛ تدون فيها أسماء عراقيين هجروا أو هُجروا من الأوطان رغماً عنهم؛ ودون سابق إنذار. لايملك الكثير منهم تلك المبالغ الطائلة التي يطلبها المهربون أبطال القصص التي يشيب منها الولدان.. يأخذون الضحية إلى أماكن لا يعرفها، وفي عتمة الليل الموحشة يضيع الهدف وسط الأدغال ويضيع الإنسان.
يسلك القادمون إلى السويد أكثر من طريق، لكن الطريق الأكثر شهرة يكون عبر شمال العراق إلى تركيا، ومن تركيا يَنقل المهربون ضحاياهم بالقوارب إلى اليونان، وفي كثير من الأحيان تُلقي الشرطةُ اليونانية القبض على المهاجرين الضعفاء، ويلوذُ المهرب بالفرار. الشرطة اليونانية تقوم بضرب وتعذيب من تلقي القبض عليهم، وتعيدهم من حيث جاؤوا، إلى تركيا، لتبدأ من جديد رحلة أخرى من رحلات طلب اللجوء إلى "بلاد الأحلام". من يحالفه الحظ من المهاجرين العراقيين يعبر محطة اليونان ليتوجه إلى السويد داخل شاحنات كبيرة لنقل البضائع، لتكون محطته الأخيرة مدينة مالمو الجنوبية الشهيرة، و من هناك يبدأ بتقديم أوراقه الثبوتية، لينظر في أمره بعد حين، ولتبدأ بعد ذلك رحلة الإنتظار للحصول على الإقامة الدائمية في مملكة السويد.
الهجرة من العراق مستمرة؛ فالمواطن العراقي همه الأول الحصول على الأمان، و المهرب لا يخشى القانون، على الرغم من أن المحاكم السويدية الأبتدائية في مدينة أوبسالا قد أصدرت قبل أيام أحكاماً بالسجن لمدد مختلفة بحق ستة أشخاص أدانتهم بعمليات تهريب لاجئين من العراق إلى السويد بصورة غير شرعية.
الهجرة مستمرة، وليس هنالك في الأفق مايُشير إلى انفراج في الأوضاع الأمنية المنهارة في البلد، حيث التواجد الكبير للمليشيات الطائفية المكشرة عن أنيابها، وأستمرار عمليات الخطف والذبح والقتل والتهجير المذهبي التي لانهاية لها، وليس هنالك من يحقن دماء العراقيين.
ويبقى السؤال المهم: ماذا سيفعل العراقيون وأملهم الوحيد في الخلاص من المأساة، والمتمثل في الهجرة ربما بات صعب المنال؛ لقد رفع سماسرة الهجرة تسعيرتهم؛ بسبب موسم الهجرة الجماعية من العراق؛ من عشرة آلاف دولار إلى خمسة وخمسين ألف دولار للشخص الواحد؛ ومن يدفع أكثر يحصل على خصم ورعاية خاصة ورحلة درجة أولى إلى بلاد الأمن والأمان؟!